بعد عام على انتخابات كوردستان.. الجمود السياسي مستمر وسط خلاف الحزبين الرئيسيين

20-10-2025 02:05

 

برغراف

تمر اليوم سنة على انتخابات برلمان كوردستان، لكن الإقليم ما زال من دون حكومة جديدة أو برلمان فاعل. فبعد مرور عام على الانتخابات البرلمانية السادسة التي جرت في تشرين الأول 2024، ما تزال الخلافات بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، وهما الطرفان الرئيسيان والفائزان الأكبر في تلك الانتخابات، تعرقل تشكيل الحكومة العاشرة في إقليم كوردستان وتشل العملية السياسية بشكل كامل.

رغم امتلاك الحزبين معا ما يكفي من المقاعد لتشكيل أغلبية مريحة، إلا أن التنافس التاريخي بينهما حال دون التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن تقاسم المناصب، خصوصا في المواقع الأمنية والاستخبارية الحساسة. ونتيجة لذلك، لم تتشكل الحكومة الجديدة حتى الآن، كما لم يتمكن البرلمان من استئناف جلساته منذ انعقاد جلسته الأولى في كانون الأول الماضي.

خلال كلمة له أمام رجال الدين في 18 تشرين الأول الجاري، دعا رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني الاتحاد الوطني إلى إنهاء التأخير وقبول ما وصفه بـ”المقترح المتوازن” للمضي في تشكيل الحكومة. وقال بارزاني: “آمل أن يُحسم هذا الملف قبل الانتخابات البرلمانية العراقية، لأن التأخير لا يصب في مصلحة إقليم كوردستان ولا في مصلحة المنطقة عموماً”. وأضاف أن المفاوضات التي استمرت قرابة عام أسفرت عن تفاهمات عامة، مؤكداً أن العرض الذي قدمه الحزب الديمقراطي “متوازن ولا يمكن تقديم ما هو أفضل منه”.

في المقابل، اتخذ رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني بافل طالباني موقفاً متشدداً خلال تجمع جماهيري في السليمانية في اليوم نفسه، قائلاً: “لن تتشكل أي حكومة في كوردستان ما لم نتأكد أنها لن تكرر أخطاء الماضي وستمنحنا فرصة حقيقية لخدمة الناس”. وأكد طالباني أن حزبه يطالب بضمانات للتغيير الحقيقي قبل الدخول في أي حكومة جديدة.

ويتركز الخلاف بشكل رئيسي على السيطرة على وزارة الداخلية ومجلس أمن إقليم كوردستان، إذ يؤكد الحزب الديمقراطي تمسكه بوزارة الداخلية واعتبارها غير قابلة للتفاوض، فيما يطالب الاتحاد الوطني إما بتولي الوزارة أو بمنصب مستشار مجلس الأمن، إلى جانب مواقع تنفيذية عليا لضمان التوازن في السلطة.

تكتسب هذه المناصب حساسية خاصة، كون مجلس الأمن يشرف على جهازي الاستخبارات الرئيسيين في الإقليم: “الباراستن” التابع للحزب الديمقراطي، و”الزانياري” الذي يديره الاتحاد الوطني. ومنذ تأسيس المجلس عام 2011، ظل تحت هيمنة الحزب الديمقراطي ورئاسة رئيس الحكومة الحالي مسرور بارزاني.

هذا الانسداد السياسي انعكس مباشرة على عمل البرلمان المنتخب حديثاً، إذ لم يتمكن أعضاؤه منذ جلسته الأولى في 2 كانون الأول 2024 من انتخاب رئيس البرلمان وهيئة الرئاسة، وهي خطوة أساسية لاستئناف الجلسات التشريعية.

وقد أفرزت انتخابات تشرين الأول 2024 برلماناً منقسماً؛ حيث حصل الحزب الديمقراطي على 42 مقعداً، والاتحاد الوطني على 25، وحراك الجيل الجديد على 15، والاتحاد الإسلامي على 7، فيما توزعت بقية المقاعد على الأحزاب الصغيرة والمكونات. وبذلك يمتلك الحزبان الرئيسيان معاً 67 مقعداً من أصل 111، أي ما يفوق النصاب المطلوب لتشكيل الحكومة، لكن الخلافات الداخلية لا تزال تحول دون ذلك.

الأحزاب المعارضة زادت المشهد تعقيداً، إذ رفضت سبعة أحزاب نتائج الانتخابات واعتبرتها مزورة، فيما قاطع حزب العدالة (كومل) جلسات البرلمان. أما حراك الجيل الجديد، الذي أصبح القوة الثالثة، فقد وضع شروطاً صارمة للمشاركة في الحكومة، مما ضيق هامش المناورة أمام الحزبين الكبيرين.

من جانبه، أقر رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني خلال منتدى الشرق الأوسط للبحوث (MERI) مطلع تشرين الأول بأن المفاوضات لم تحقق التقدم المطلوب، قائلاً: “قطعنا مراحل مهمة مع الاتحاد الوطني، لكن لا أعتقد أن تشكيل الحكومة سيتم قبل الانتخابات البرلمانية العراقية”.

أدى هذا الجمود إلى شلل سياسي وتشريعي تام في الإقليم، في وقت يعاني فيه من أزمات اقتصادية مستمرة وخلافات مالية مع بغداد بشأن الموازنة ونقل الإيرادات.

وبعد عام كامل على الانتخابات، أعادت النتائج التأكيد على هيمنة الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني، لكنها أظهرت في الوقت نفسه صعود حراك الجيل الجديد وتراجع قوى المعارضة التقليدية. ومع ذلك، يبقى السؤال الأهم بالنسبة للناخبين بلا إجابة: متى ستترجم أصواتهم إلى حكومة فاعلة؟

فحتى يتمكن الحزبان الرئيسيان من تجاوز خلافاتهما، ستظل مؤسسات كوردستان في حالة جمود، فيما تبقى الحكومة العاشرة مجرد وعد مؤجل بعد عام من ذهاب الناس إلى صناديق الاقتراع.