برغراف
في تغيير كبير في السياسة، قام رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بسحب مقترحه السابق لتعديل بند النفط في قانون الموازنة الوطنية. ويطالب الآن حكومة إقليم كوردستان بتسليم جميع عائدات بيع النفط والغاز والمنتجات ذات الصلة، سواء المحلية أو الخارجية، إلى الخزانة الاتحادية بالكامل دون أي تخفيضات.
وينص الاقتراح المعدل على: “مع مراعاة الفقرتين (أ) و(ب) من هذه المادة، يتم تقديم عائدات بيع النفط والغاز ومنتجاتهما، سواء المحلية أو الأجنبية، إلى الخزانة العامة كاملة دون أي تخفيض. ووفقًا لقانون الإدارة المالية المعدل رقم 6 لسنة 2019، يجب احتساب التكاليف بصورة عادلة”.
وفي رد فعل مباشر، أعرب المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، بيشوا هوراماني، عن رفضه الشديد قائلاً: “نحن ضد هذا المقترح الجديد، ويجب طرح المقترح السابق للتصويت في البرلمان العراقي”. وأضاف أن المقترح الجديد تم تقديمه بشكل أحادي، دون استشارة حكومة إقليم كردستان أو موافقة مجلس الوزراء الاتحادي. وحذر من أن مثل هذه الخطوات قد تؤدي إلى تفاقم الخلافات، قائلاً: “هذه الخطوات تضر بالعراق بأسره وتعمق المشاكل القائمة بدلاً من حلها”.
كما أعرب رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، عن استغرابه من التعديلات غير المتوقعة على خطة كانت معتمدة لتكاليف إنتاج النفط. وفي مقابلة مع “بلومبرغ”، أوضح بارزاني أن مجلس الوزراء العراقي وافق سابقًا على خطة لدفع 16 دولارًا لكل برميل مقابل إنتاج ونقل النفط من إقليم كردستان. لكن التصويت البرلماني على هذه الخطة تأجل بسبب تعديلات طرأت في اللحظات الأخيرة.
يتزامن هذا التطور مع استمرار العراق في مواجهة تحديات استئناف صادرات النفط من إقليم كردستان. وفي هذا السياق، صرح النائب العراقي سوران عمر لـ”برغراف” قائلاً: “في مساء 21 يناير 2025، تم تقديم مقترح السوداني الجديد إلى البرلمان العراقي، مما أدى إلى تصاعد التوترات والمشاكل، فتم تأجيل الموافقة على المادة”. وأضاف أن تعديل بند النفط في قانون الموازنة، الذي يهدف إلى استئناف صادرات النفط من الإقليم، لن يعود بسهولة إلى جدول أعمال البرلمان.
مخاوف تهريب النفط
وسط هذه الخلافات، تزايدت التقارير حول تهريب النفط من إقليم كردستان إلى إيران وتركيا. وتشير المصادر إلى أن أكثر من 1000 ناقلة تقوم بنقل ما لا يقل عن 200 ألف برميل يوميًا، مما يحقق نحو 200 مليون دولار شهريًا في معاملات غير رسمية.
هذا النشاط أثار قلقًا بشأن انتهاكات محتملة للعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، بالإضافة إلى غياب الشفافية في عائدات النفط. ويُعتقد أن هذه التجارة تخدم النخب السياسية في الأحزاب الحاكمة في كردستان، مما يعمق اعتماد المنطقة على تجارة السوق السوداء، رغم المخاطر الاقتصادية والحوادث المصاحبة لها.
ورداً على هذه المزاعم، دعا رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، من يوجهون الاتهامات إلى تقديم أدلة ملموسة. وأكد أن توقف صادرات النفط، الذي بدأ في 25 مارس 2023 بعد قرار محكمة التحكيم الدولية لصالح العراق ضد تركيا، أدى إلى خسائر مالية كبيرة للإقليم.
مع تصاعد الموقف، تواصل حكومة الإقليم مطالبة البرلمان العراقي بطرح المقترح السابق للتصويت، على أمل حل الخلافات واستئناف صادرات النفط بطريقة تحقق التوافق بين الطرفين.
مبيعات النفط المحلية غير المعلنة
إلى جانب تهريب النفط، تواجه حكومة الإقليم انتقادات بشأن بيع كميات كبيرة من النفط الخام في السوق المحلية دون تحقيق إيرادات واضحة. ورغم ذلك، أعلنت وزارة المالية في الإقليم عن عدم تسجيل أي عائدات من هذه المبيعات، مما أثار تساؤلات حول الشفافية.
لمعالجة هذه القضية، اقترحت الحكومة العراقية تعديلًا جديدًا على الميزانية الفيدرالية لإلزام حكومة الإقليم بإعادة كافة الإيرادات، بما في ذلك تلك الناتجة عن المبيعات المحلية.
ووفقًا للنائب علي حمه صالح، فإن أسعار النفط الخام في السوق المحلية اعتبارًا من 23 يناير 2025، جاءت كالتالي:
• أتروش
• للطن: 290 دولارًا
• للبرميل: 39.56 دولارًا
• خورمالا
• للطن: 272 دولارًا
• للبرميل: 37.11 دولارًا
• طاوكي
• للطن: 265 دولارًا
• للبرميل: 36.15 دولارًا
• أوريكس
• للطن: 235 دولارًا
• للبرميل: 32.06 دولارًا
• شيخان
• للطن: 218 دولارًا
• للبرميل: 29.74 دولارًا
انتقد علي حمه صالح غياب الرقابة على مبيعات النفط، مؤكداً ضرورة بيع النفط الخام من خلال شركة “سومو” لضمان الشفافية وتتبع الإيرادات. كما أشار إلى أن النفط يباع محليًا بأسعار تتراوح بين 35 إلى 40 دولارًا للبرميل، بينما تبقى أسعار الوقود مرتفعة بالنسبة للمستهلكين، رغم انخفاض تكلفة الخام في الأسواق المحلية.