
برغراف
أوقف المعلمون وموظفو القطاع العام شاحنات نقل النفط على طريق عربت-السليمانية، احتجاجا على أزمة الرواتب المستمرة، وعدم التزام حكومة إقليم كوردستان بتنفيذ برنامج توزيع الرواتب الفيدرالي العراقي المعروف باسم "التوطين".
وتصاعدت التوترات في المنطقة مع وقوع مواجهات بين المحتجين وسائقي شاحنات النفط، حيث حاولت إحدى الشاحنات تجاوز الحاجز، إلا أن المتظاهرين منعوها من التقدم. وأدى الاحتجاج إلى تعطيل مرور عدد كبير من الشاحنات، مما أجبرها على تغيير مسارها.
ويؤكد المحتجون أن عائدات النفط، التي ينبغي أن تُخصص للخدمات العامة، تُستغل لصالح مسؤولي الحزب الحاكم وشركاتهم الخاصة، بينما يعاني الموظفون العموميون من تأخير مستمر في الرواتب. وفي هذا السياق، صرح عثمان جولبي، وهو معلم مشارك في الاحتجاجات، بأن منع تدفق النفط يمثل مرحلة جديدة في النضال المدني، داعيًا إلى دعم مجتمعي واسع لهذه الخطوة. وقال جولبي: "نحن نمنع بيع النفط الذي هو حقنا، بينما يستفيد المسؤولون منه لمصالحهم الشخصية وعائلاتهم".
منذ عام 2023، انتشر تهريب النفط من إقليم كوردستان إلى إيران على نطاق واسع، مما يزيد من الضغوط المالية على الإقليم. ويؤثر هذا التهريب سلبًا على الصادرات القانونية، حيث يتم تحويل عائدات ضخمة بعيدًا عن خزينة حكومة إقليم كوردستان، في حين تجني شخصيات من الحزب الحاكم أرباحًا طائلة من هذه العمليات غير المشروعة، بينما يستمر الموظفون العموميون في مواجهة تأخير وخفض في الرواتب.
تعثر الاتفاق بين حكومة إقليم كوردستان وبغداد بشأن عائدات النفط
في ظل استمرار الاحتجاجات، تصر حكومة إقليم كوردستان على ضرورة التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الاتحادية العراقية قبل استئناف صادرات النفط. وعقب اجتماع وفد حكومة الإقليم مع مسؤولين نفطيين عراقيين في 18 فبراير/شباط في أربيل، شددت الحكومة على ضرورة تخصيص جزء من نفط كوردستان للاستهلاك المحلي قبل استئناف الصادرات.
وأكدت حكومة إقليم كوردستان التزامها بتنفيذ التعديل الأول لقانون الموازنة الاتحادية، الذي يسمح بإعادة تصدير النفط من خلال شركة "سومو"، إلا أن التطبيق الفعلي لهذا القرار يعتمد على تحديد الكميات المطلوبة للاستهلاك المحلي.
من جانبها، أكدت وزارة النفط العراقية أنها أكملت جميع الإجراءات اللازمة لاستئناف صادرات نفط كوردستان عبر ميناء جيهان التركي، مشددة على ضرورة التزام حكومة الإقليم بتسليم الكميات المتفق عليها لشركة "سومو"، وفقًا لحصة العراق في منظمة أوبك.
وسط تعثر المفاوضات، التقى رئيس إقليم كوردستان، نيجيرفان بارزاني، برئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في بغداد، حيث أكد الأخير على أهمية استئناف صادرات النفط عبر جيهان ومعالجة النزاعات المالية بين أربيل وبغداد.
الولايات المتحدة تضغط لاستئناف صادرات النفط
في الوقت ذاته، تضغط الولايات المتحدة على العراق لاستئناف صادرات نفط إقليم كوردستان، معربة عن مخاوفها بشأن عمليات التهريب. ووفقًا لمصادر "رويترز"، تعتبر واشنطن التهريب جزءًا من حملة "الضغط الأقصى" على إيران، حيث تشير التقديرات إلى أن النفط المهرب من كوردستان يدر أكثر من مليار دولار سنويًا لصالح إيران ووكلائها الإقليميين.
منذ إغلاق خط أنابيب جيهان في مارس 2023، يقدر أنه يتم تهريب نحو 200 ألف برميل يوميًا من نفط كوردستان الخام بسعر مخفض إلى إيران وتركيا. وتسعى الولايات المتحدة إلى ضمان وصول النفط الكوردي إلى الأسواق العالمية بدلاً من بيعه عبر قنوات غير قانونية بأسعار متدنية.
تعديل جديد للميزانية يمهد لاستئناف صادرات النفط
وافق البرلمان العراقي في 2 فبراير 2025 على تعديل جديد للميزانية، يحدد تكاليف إنتاج ونقل نفط كوردستان عند 16 دولارًا للبرميل، على أن تتكفل الحكومة الفيدرالية بهذه النفقات. وأوضحت النائبة الكوردية ديلان غفور لـ Peregraf أن هذا السعر مؤقت وسيتم إعادة تقييمه خلال 60 يومًا من قبل شركة مستقلة.
ويُنظر إلى هذا التعديل كخطوة أساسية نحو استئناف صادرات النفط، إلا أن الخبراء يحذرون من استمرار العقبات المالية واللوجستية التي تحتاج إلى حلول عاجلة لمنع تفاقم الأزمة الاقتصادية في الإقليم.
مع اعتماد أربيل وبغداد على عائدات النفط لتمويل الخدمات العامة وصرف الرواتب، فإن حل هذا النزاع يُعد أمرًا حاسمًا. وبينما يقترب العراق من استئناف صادراته النفطية بالكامل، تراقب الأسواق العالمية التطورات عن كثب، وسط تقلبات مستمرة في أسعار النفط.