برغراف
أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن أنقرة تجري محادثات مع كل من بغداد وأربيل بشأن سبل المضي قدمًا في نزع سلاح حزب العمال الكوردستاني (PKK)، وذلك عقب إعلان الحزب الأخير إنهاء كفاحه المسلح.
وقال أردوغان، خلال مؤتمر صحفي عقب عودته من ألبانيا: “تُجرى محادثات مع الدول المجاورة لنا حول كيفية تسليم أسلحة الإرهابيين خارج حدودنا”، مضيفًا: “هناك خطط بشأن كيفية مشاركة إدارتي بغداد وأربيل في هذه العملية”.
وأوضح: “هدفنا هو تركيا خالية من الإرهاب. يجب دفن الأسلحة، وعلى المنظمة الإرهابية نزع سلاحها وتنفيذ قرارها بالحل”.
وتأتي تصريحات الرئيس التركي بعد أيام من إعلان حزب العمال الكوردستاني، خلال مؤتمره الثاني عشر في 12 أيار/مايو، قرارًا وصف بـ”التاريخي” بالتحول من الكفاح المسلح إلى المقاومة السياسية. وقد رأى بعض المراقبين الإقليميين في هذه الخطوة فرصة محتملة لإحياء جهود السلام، إلا أن التطورات الميدانية والتصريحات الصادرة عن أطراف مرتبطة بالحزب تشير إلى عكس ذلك.
ففي 17 أيار، نفى اتحاد مجتمعات كوردستان (KCK) –المنظمة الجامعة المتحالفة مع حزب العمال الكوردستاني– وجود أي مفاوضات حول نزع السلاح أو انطلاق عملية سلام رسمية، مؤكدًا ذلك بشكل قاطع.
وقال زاغروس هيوا، المتحدث باسم العلاقات الخارجية في الاتحاد، في مقابلة مع قناة “ستيرك” الفضائية: “لقد أُسيء تفسير قرار حزب العمال الكوردستاني بإنهاء الكفاح المسلح؛ فهو لا يعني إلقاء السلاح أو إخلاء الأراضي”.
وأشار هيوا إلى أن استمرار العمليات العسكرية التركية يجعل الحديث عن نزع السلاح غير واقعي، مؤكدًا أن الاشتباكات بين الجيش التركي ومقاتلي الحزب تحدث أحيانًا على مسافات لا تتجاوز 100 متر. وأضاف متسائلًا: “كيف يمكن مناقشة نزع السلاح والجنود الأتراك على بُعد 100 متر فقط من مقاتلينا؟”.
واتهم الاتحاد أنقرة بمحاولة التلاعب بالرواية، نافيًا وجود أي تقدم في مسار السلام. وقال هيوا: “لم يتفق أي من الجانبين على إطار عمل للمفاوضات”، مضيفًا: “لا تزال الدولة التركية تُصنّف هذه العملية إرهابًا، فكيف يمكن مناقشة السلام بينما يُجرّم طرفٌ الطرف الآخر؟”.
وجدّد اتحاد مجتمعات كوردستان مطلبه القديم بالإفراج عن عبد الله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكوردستاني، المسجون في جزيرة إمرالي. وقال هيوا إن أوجلان والحزب قدّما منذ 27 شباط/فبراير ثلاث مبادرات حسن نية، “لكن أنقرة لم تُبدِ أي تجاوب معها”.
واختتم بالقول: “لكي تبدأ أي عملية سلام جدية، على تركيا أن تتخلى عن نهجها الأمني، وأن تعترف بالكورد كمواطنين متساوين، لا كإرهابيين”. وأكد أن مناقشة نزع السلاح لا يمكن أن تتم ما دامت القوات التركية تواصل وجودها داخل الأراضي الكوردية.
تبرز هذه التباينات الحادة بين تصريحات أردوغان ورد اتحاد مجتمعات كوردستان هشاشة المشهد الراهن وتقلبه. وبينما قد يُمثّل التحول في خطاب حزب العمال الكوردستاني خطوة استراتيجية، فإن غياب الثقة واستمرار الاشتباكات لا يزالان يُعيقان أي مسار فعلي نحو السلام.