العراق ينقل تربية الاسماك الى انظمة مغلقة وسط ازمة مائية متفاقمة

13-09-2025 11:20

 

برغراف

اعلنت وزارة الموارد المائية في العراق عن تحول جذري في سياسات تربية الاسماك، يلزم المزارعين بالانتقال من الاحواض المفتوحة الى الانظمة المغلقة، بهدف الحفاظ على الموارد المائية الشحيحة. وجاء القرار تحت شعار حماية الموارد المائيةوضمان الاستدامة، في خطوة تهدف الى ترشيد الاستهلاك ومنع الهدر وتوجيه المياه المتاحة نحو الشرب والري والاحتياجات الاساسية.

ودعت الوزارة المزارعين والمستثمرين في قطاع الثروة السمكية الى الالتزام بالاجراءات الجديدة، ووصفت الانظمة المغلقة بانها “خطوة اساسية ومهمة لتحقيق التنمية المستدامة وحماية الامن المائي للعراق من اجل الاجيال المقبلة”.

ازمة متفاقمة

يواجه العراق واحدة من اشد موجات الجفاف في تاريخه الحديث. وكان وزير الموارد المائية عون ذياب قد اكد مطلع الشهر الجاري ان تركيا استجابت لطلب بغداد وزادت مؤقتا من اطلاقات مياه دجلة والفرات، مشيرا الى “تفهم كامل للازمة” في اطار التعاون والعلاقات المشتركة. ومع ذلك، لا يتجاوز ما يصل العراق حاليا 40 بالمئة من حصته التاريخية من المياه، بسبب المشاريع المائية الكبرى في تركيا وايران.

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ترأس مؤخرا اجتماعا للمجلس الاعلى للمياه، اقر خلاله اجراءات طارئة شملت التحول الى محاصيل قليلة الاستهلاك للمياه، وتحديث اساليب الري، والتفاوض المباشر مع دول الجوار لزيادة الاطلاقات.

وكشف تحقيق لمؤسسة “برغراف” عن جفاف اكثر من 1650 نبع ماء في كوردستان، وانخفاض المياه الجوفية في اربيل بما يقارب 500 متر منذ التسعينيات، في وقت وصلت مستويات خزانات دوكان ودربندخان الى حدود حرجة. ويحذر خبراء من ان العراق بات ضمن الدول الادنى عالميا في الامن المائي، مع مخاطر انهيار زراعي وتصحر لا رجعة فيه ما لم يتم التحرك سريعا.

الموازنة بين سبل العيش والحفاظ على المياه

يمثل قطاع تربية الاسماك مصدرا مهما للغذاء وفرص العمل في العراق، خصوصا في المحافظات الوسطى والجنوبية. لكن الاحواض المفتوحة تستنزف ملايين الامتار المكعبة من المياه العذبة سنويا، يضيع معظمها بالتبخر او التلوث.

في المقابل، تعتمد الانظمة المغلقة على اعادة تدوير ومعالجة المياه داخل خزانات خاصة، ما يقلل بشكل كبير من الاستهلاك ويحسن الجودة. ورغم ارتفاع كلفتها الاستثمارية الاولية، تصر الحكومة على ان التحول اليها اصبح امرا حتميا في ظل تفاقم الازمة.

وقال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية فؤاد حسين عقب اجتماعه بوفد تركي في 31 آب الماضي ان “ازمة المياه تمس كل جوانب الحياة”، مؤكدا ضرورة الموازنة بين اجراءات الترشيد والتحركات الدبلوماسية لضمان حقوق العراق المائية.

جزء من اصلاحات اوسع

القرار الخاص بقطاع تربية الاسماك يأتي ضمن حزمة اصلاحات تشمل ايضا مكافحة حفر الابار غير القانونية، وتشجيع المحاصيل المقاومة للجفاف، وتشديد الرقابة على استخدام المياه في الزراعة. غير ان تنفيذ هذه السياسات يواجه تحديات كبيرة بسبب سوء الادارة المزمن والتأجيلات السياسية.

وبينما يشكل التحول الى الانظمة المغلقة خطوة ملموسة نحو الحفاظ على الموارد، فان نجاحها يتوقف على جدية تطبيق القانون، وتوفير الدعم المالي للمزارعين، واستمرار التعاون مع دول المنبع.