مواقع أمنية تعيق تشكيل حكومة إقليم كوردستان الجديدة بين الحزبين الكورديين الرئيسيين

برغراف
مرّ نحو 11 شهراً على انتخابات برلمان إقليم كوردستان، ولم يتمكن كل من الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، الفائزين الأكبر، من تشكيل الحكومة العاشرة للإقليم. وبالرغم من أكثر من 10 جولات تفاوضية، لا يزال الطرفان عالقين في خلاف حول توزيع المناصب العليا، لا سيما المناصب الأمنية، ما أعاق عمل كل من الحكومة والبرلمان.
وأكدت متابعة موقع برغراف أن الطرفين توصلوا إلى توافق بشأن معظم الحقائب الوزارية، إلا أن الصراع على المناصب الأمنية يبقى العقبة الأساسية.
وقال مصدر مطلع: “توقفت المفاوضات لأن كل طرف يُصر على السيطرة على المناصب الأكثر حساسية. الكوردستاني لن يتنازل عن رئاسة الإقليم أو رئاسة الحكومة أو وزارة الداخلية، بينما الاتحاد الوطني يُصر على الحصول على وزارة الداخلية أو منصب مستشار مجلس الأمن، كما يطالب بمنصب رئيس الإقليم أو رئاسة الحكومة”.
أهمية السيطرة على الأمن
في إقليم كوردستان، تمتد السيطرة على القوات المسلحة والاستخبارات والأمن إلى ما هو أبعد من السلطة الرسمية، إذ تمنح المناصب العليا نفوذاً سياسياً واسعاً وتأثيراً في جميع مجالات الحكم. ويعد مجلس الأمن لإقليم كوردستان، الذي أنشئ بالقانون عام 2011، محور هذا الصراع، حيث يشرف على الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، بما فيها وكالة أمن الإقليم، ومديرية الاستخبارات العسكرية، وفروع المخابرات الحزبية مثل باراستن (الحزب الديمقراطي) وزانياري (الاتحاد الوطني).
رغم أن القانون ينص على أن المجلس يرفع تقاريره مباشرة لرئيس الإقليم، إلا أنه بقي لفترة طويلة تحت نفوذ الحزب الديمقراطي، حيث استمر مسترور بارزاني في ممارسة تأثير حاسم بعد توليه رئاسة الحكومة عام 2019، وفق ما ذكر مصدر في الحزب الديمقراطي لموقع برغراف.
الجمود السياسي
رفض الكوردستاني لفترة طويلة إدراج مجلس الأمن على طاولة المفاوضات، بينما يرى الاتحاد الوطني أن تقاسم السلطة على هذا المجلس ضروري لشراكة حقيقية في الحكومة. وأدى هذا الجمود إلى تأخير تنصيب قيادة برلمان كوردستان الجديد، إذ لا يمكن انتخاب رئيس البرلمان ونوابه قبل التوافق على توزيع المناصب.
وأقر البيان المشترك بعد اجتماع الحزبين في 14 أغسطس بضرورة حل الخلاف، وتعهد الطرفان بـ”جهود جادة ومكثفة” لاستئناف عمل البرلمان في سبتمبر وتشكيل الحكومة، إلا أنه لم يتم إحراز أي تقدم حتى منتصف سبتمبر.
ضغوط الانتخابات
تضيف الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في 11 نوفمبر مزيداً من التعقيد، حيث تبدأ الحملة الرسمية في 10 أكتوبر، مما قد يزيد من الخلاف بين الكوردستاني والاتحاد الوطني حول حصصهم من المقاعد الكوردية في بغداد.
جرت انتخابات برلمان كوردستان في 20 أكتوبر 2024 وأسفرت عن برلمان مجزأ؛ حصل الكوردستاني على 39 مقعداً، بالإضافة إلى 3 مقاعد للأقليات معه، بإجمالي 42، بينما حصل الاتحاد الوطني على 23 مقعداً، بالإضافة إلى مقعدين للأقليات معه، بإجمالي 25. وحصلت حركة الجيل الجديد على 15 مقعداً، والاتحاد الإسلامي الكوردستاني 7، فيما توزعت المقاعد الصغيرة الأخرى بين 11.
مع غياب أغلبية 51 مقعداً لتشكيل الحكومة، يعد التعاون بين الحزبين السبيل الوحيد لتشكيل الحكومة العاشرة، إذ يسيطران معاً على 67 مقعداً، ما يكفي لتشكيل أغلبية برلمانية.
ورفضت سبع أحزاب معارضة نتائج الانتخابات، ووصفتها بأنها مزورة و”مصممة”، بينما قاطع حزب العدالة الكوردستانيالبرلمان بالكامل. وعلى الرغم من رفض مفوضية الانتخابات العراقية المستقلة مزاعم التزوير، إلا أن الجدل أضعف الثقة في شرعية البرلمان الجديد.
وبحسب المراقبين، فإن الخلاف ليس حول السياسات، بل حول السلطة والسيطرة، خاصة مع سيطرة الكوردستاني على رئاسة الإقليم والحكومة، ومطالبة الاتحاد الوطني بالحصول على منصب أمني كبير لموازنة النفوذ. ويخشى الكوردستاني من أن يؤدي التنازل عن وزارة الداخلية أو مجلس الأمن إلى تقليص هيمنته الأمنية.
إذا استمر الطرفان في موقفهما الرافض للتنازل، قد يستمر الجمود حتى ما بعد الانتخابات العراقية المقررة في نوفمبر، تاركاً إقليم كوردستان في حالة شبه شغور سياسي.