الذكرى الثامنة لاستفتاء استقلال كوردستان؛ بارزاني يشدد على إرادة الشعب الكوردي وتحديات ما بعد الاستفتاء

25-09-2025 12:38

 برغراف

تمر اليوم الذكرى الثامنة للاستفتاء التاريخي على استقلال إقليم كوردستان، الذي أُجرِي في 25 أيلول 2017، وهو يوم يثير في الوقت نفسه الفخر والانقسام السياسي بين الكورد وقياداتهم.

وفي بيان أصدره بمناسبة هذه الذكرى، شدد مسعود بارزاني، رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني ومهندس الاستفتاء، على المعاني الرمزية لتجربة الاستفتاء، قائلاً: “الوطن ليس خريطة على ورقة، بل هو دم يجري في العروق. ما يُزرع اليوم يُحصد غداً.” تأتي كلماته لتؤكد على رؤيته المستمرة بأن الاستفتاء، رغم تداعياته المثيرة للجدل، يشكل مرحلة مهمة في التاريخ الكوردي الحديث.

كما أصدر رئيس وزراء إقليم كوردستان مسرور بارزاني رسالة بمناسبة الذكرى، وصف فيها اليوم بأنه “يوم الأمل والتفاؤل”، وهنأ أبناء كوردستان وعوائل الشهداء وقوات البيشمركة، واصفاً الاستفتاء بأنه “يوم قرار شجاع للشعب الكوردي، ويوم انتصار إرادة أمتنا”.

إرث متباين

يظل الاستفتاء، الذي دعمته بشكل رئيسي الحزب الديمقراطي الكوردستاني، واحداً من أكثر الأحداث إثارة للجدل في السياسة الكوردية الحديثة. فالمؤيدون يعتبرونه ممارسة تاريخية لحق تقرير المصير، بينما يرى المعارضون أنه أدى إلى خسائر سياسية وإقليمية.

في 25 أيلول 2017، توجه ملايين الكورد إلى صناديق الاقتراع للإجابة عن سؤال مصيري: هل يجب أن يصبح إقليم كوردستان والمناطق الكوردية خارج حدوده دولة مستقلة؟ وقد صوت أكثر من 92% بنعم، ما أثار صدى واسعاً على الصعيدين الإقليمي والدولي، لكنه لم يدم طويلاً.

 تداعيات وعقوبات

رفضت الحكومة الاتحادية العراقية الاستفتاء بشكل قاطع وفرضت عقوبات، شملت إغلاق المطارات في أربيل والسليمانية ووقف التواصل الدبلوماسي مع السلطات الكوردية. وفي 16 تشرين الأول 2017، تقدمت القوات العراقية، بدعم من الحشد الشعبي، نحو الأراضي المتنازع عليها، أبرزها كركوك، ما أدى إلى انسحاب قوات البيشمركة وسط اتهامات بالخيانة بين الفصائل الكوردية.

خسارة كركوك ومناطق أخرى كانت ضربة كبيرة للرمزية والاستراتيجية، وأدت إلى نزوح آلاف المدنيين وسقوط خسائر بشرية بين قوات البيشمركة.

 الانقسامات الداخلية

لم يقتصر تأثير الاستفتاء على العلاقة بين أربيل وبغداد، بل عمّق الانقسامات بين الأحزاب الكوردية. لا يزال الحزب الديمقراطي الكوردستاني وجزء من الاتحاد الوطني الكوردستاني، بقيادة كوسرت رسول علي، يتمسكان بالاستفتاء كحق مشروع للشعب الكوردي. في المقابل، اتهمت بعض فصائل الاتحاد الوطني بالتعاون مع قوى مدعومة من إيران أثناء استعادة كركوك، وهو ما اعتبره مسؤولو الحزب الديمقراطي “خيانة للقضية الكوردية”.

الضغط الإقليمي والدولي

واجه الاستفتاء رفضاً من دول المنطقة والعالم. تركيا وإيران عارضتا الاستفتاء بقوة خشية تأثيره على أقلياتهما الكوردية. الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والأمم المتحدة طالبت بالكف عن الاستفتاء أو تأجيله، مع تقديم بدائل تفاوضية مع بغداد، لكن بارزاني رفض كل المقترحات، معتبراً أنها لم تضمن أي ضمانات ملموسة.

الوضع القانوني والسياسي

أعلنت المحكمة الاتحادية العراقية بعد سنوات عدم دستورية الاستفتاء، وهو ما أقرته حكومة إقليم كوردستان رسمياً. ومع ذلك، يؤكد البرلمان الكوردي والرئيس السابق بارزاني أن إرادة الشعب التي عبر عنها في 2017 لا يمكن لأي جهة قضائية أو سياسية إلغاؤها. هذا الانقسام القانوني يعكس الجمود السياسي المستمر، حيث يظل الاستفتاء رمزاً للفخر للبعض، ومثالاً على الفرص الضائعة والانقسامات المؤلمة للبعض الآخر.

ثماني سنوات لاحقة

بعد ثماني سنوات، يواصل الاستفتاء تشكيل النقاش العام والسياسي في كوردستان. بالنسبة للمؤيدين، يظل علامة على حق الشعب الكوردي في تقرير مصيره وأساساً للطموحات المستقبلية. أما بالنسبة للمعارضين، فهو درس في التقدير الخاطئ لتبعات اتخاذ قرارات سياسية منفردة. كلمات القادة الكورد اليوم تعكس صمود الشعب والتحديات المستمرة، فيما يبقى السؤال حول ما إذا كان الاستفتاء سيُذكر كخطوة نحو دولة كوردية مستقلة أم كفرصة ضائعة.