برغراف
للمرة الاولى منذ عامين ونصف، عاد نفط اقليم كوردستان صباح اليوم الى التدفق عبر خط الانابيب الواصل الى ميناء جيهان التركي، في خطوة اعتبرت اختراقا مهما في العلاقات النفطية والسياسية بين اربيل وبغداد.
مصدر في وزارة الثروات الطبيعية في حكومة اقليم كوردستان اكد لموقع برغراف ان “النفط تم تصديره بنجاح ومن دون مشاكل ووصل الى الاراضي التركية، وسيصل الى ميناء جيهان ومنها الى الاسواق العالمية اليوم”.
واوضح المصدر ان الاقليم يصدر تقريبا كامل انتاجه الحالي البالغ نحو 240 الف برميل يوميا، مع الاحتفاظ بـ 50 الف برميل للاستهلاك المحلي.
اتفاق تاريخي
توقفت الصادرات في 25 اذار 2023 بعد صدور حكم تحكيمي لصالح بغداد ضد انقرة بشأن خط انابيب العراق تركيا. هذا التوقف حرم اقليم كوردستان من ايرادات حيوية وقلص نحو 230 الف برميل يوميا من الاسواق العالمية.
وبعد جولات طويلة من المفاوضات، توصلت اربيل وبغداد وشركات النفط العالمية الى ما وصفته الحكومتان الاتحادية والاقليمية بـ “الاتفاق التاريخي”.
وبموجب الاتفاق، يتم تسليم النفط الخام المنتج في اقليم كوردستان – باستثناء الكميات المخصصة للاستهلاك المحلي – الى شركة تسويق النفط العراقية “سومو” عبر شركة نفط الشمال في فيشخابور. ومن هناك يتم تصديره عبر ميناء جيهان وبيعه للاسواق العالمية، وتودع العائدات في الخزينة الاتحادية في بغداد، حيث يتم تمويل رواتب ومستحقات الاقليم منها.
الاتفاق يتكون من ست مواد ومقدمة تحدد الحقوق والالتزامات والحصص، ويضمن تمويل رواتب كوردستان ومستحقاته مباشرة من هذه الايرادات.
الترتيبات المالية
ينص قانون الموازنة العراقي على تخصيص 16 دولارا للبرميل لتكاليف الاستخراج والنقل. وستتلقى الشركات حصتها من خلال النفط الخام بدلا من المدفوعات النقدية، ويمكنها اعادة بيعه في السوق.
سومو ستتكفل بتغطية تكاليف خط انابيب العراق تركيا، فيما تتفاوض وزارة النفط مع انقرة لتجديد اتفاقية العبور التي ستنتهي منتصف 2026. وتأمل الحكومة الاتحادية بزيادة صادرات كوردستان تدريجيا الى 400 الف برميل يوميا وفقا للالتزامات الواردة في قانون الموازنة.
مواقف القادة
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وصف الاتفاق بانه “انجاز تحقق بعد 18 عاما من الانتظار”، مؤكدا اهميته في ضمان التوزيع العادل للثروات، وتنويع منافذ التصدير، وجذب الاستثمارات.
رئيس وزراء اقليم كوردستان مسرور بارزاني اعتبر الاتفاق “نتيجة جهود حثيثة من جميع الاطراف”، بما فيها شركات النفط العالمية ووزارة النفط الاتحادية وسومو. وقال في منشور على منصة اكس: “بهذه الخطوة يعود اقليم كوردستان الى الاسواق النفطية العالمية. في هذا اليوم التاريخي تمت ازالة عقبة كبيرة امام ضمان المستحقات المالية لشعب كوردستان”.
من جانبه، شدد نائب رئيس الوزراء قوباد طالباني على ان “الحوار مع بغداد هو السبيل الافضل لخدمة شعبنا واقليمنا”.
الاتفاق من المتوقع ان يوفر استقرارا ماليا للاقليم ويضمن دفع الرواتب بانتظام، فيما يعزز لبغداد السيطرة على ايرادات النفط ويقوي موقع العراق في الاسواق العالمية.
استئناف التصدير يمثل بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين بغداد واربيل، مرحلة يأمل الطرفان ان تكون قائمة على التعاون المستدام بعد سنوات من الخلافات.