برغراف- عمار عزيز
اضطر مئات الأشخاص إلى مغادرة منازلهم في القرى القريبة من قضاء عقرة، بسبب عدم توفر مياه الشرب النظيفة بشكل مستدام. وهذه الحالة تمثل واحدة العديد من الأزمات التي يواجهها السكان في إقليم كردستان نتيجة التغيرات المناخية والجفاف المتزايد.
يقول رشيد إبراهيم، رئيس قرية دودي سارو، في حديث لـ"برغراف": "إذا كان الشخص يعيش في القرية ولا يمتلك كمية كافية من المياه لري أرضه أو لرعاية مواشيه، فإنه سيضطر إلى الهجرة والبحث عن عمل آخر".
أوضح إبراهيم أن 30 عائلة قد نزحت من قريته، كما غادرت 40 عائلة أخرى من قرية دودي خوارو المجاورة متجهة إلى عقرة أو مدن أخرى. تقع القريتان على بعد 20 كيلومترا شمال شرق عقرة، في محافظة دهوك، وتتبعان إداريا لناحية دينارتە.
ويضيف قادر بيرو، رئيس قرية دودي خوارو: "في قريتنا، غادر 40 رب اسرة من أصل 70 أسرة. في بعض الاحيان نستخدم صهاريج المياه، لكنها ليست حلا دائما".
المصدر الرئيسي للمياه للقريتين هو نبع دودي سورو، لكنه لم يعد كافيا لسد احتياجات السكان، كما يشكو الاهالي من عدم نظافة المياه المتوفرة. توجد بعض الابار، لكن معظمها قد جف. وأوضح بيرو أن إدارة ناحية دينارتە حفرت بئرا بعمق 330 مترا هذا العام، إلا أنها كانت عديمة الفائدة لعدم توفر المياه.
وأشار سربست صبري، مدير ناحية دينارتە، في حديثه لـ"برغراف" إلى أن الازمة لا تقتصر على القريتين فقط. وأوضح أن "قرية بامشمش، التي يقطنها حوالي 31 أسرة، لا تملك شبكة توزيع مياه"، مؤكدا انه تمت الموافقة على مشروع لتحسين إمدادات المياه للقرية وسيتم تنفيذه قريبا.
تشتهر المنطقة بإنتاجها الزراعي، حيث يزرع المزارعون المحليون العنب والقرع والعديد من المحاصيل التي تحتاج إلى ري دائم، مما يجعل اعتمادهم على مصادر المياه موثوق بها أمرا حيويا.
تسبب نقص المياه في توترات بين القرى، رغم أنها تواجه نفس التحديات. فالمياه تتدفق من النبع أولا عبر قرية دودي سارو قبل أن تصل إلى دودي خوارو، ما دفع سكان دودي سارو إلى إقامة سدود صغيرة لري محاصيلهم. وأوضح بيرو: "طلبنا منهم زيادة كمية المياه المتدفقة، لكنهم رفضوا، مما دفعنا إلى تقديم شكوى للمحكمة، ولا تزال القضية قيد النظر".
من جانبه، رد رشيد إبراهيم بأن قريته لها حق الاستفادة من مياه النبع، وأن المياه غير كافية لاحتياجاتهم أيضا. وطالب الحكومة بحفر آبار إضافية لحل الأزمة، قائلا: "الحكومة تستمر في وعودها بحل المشكلة، لكنها لم تتخذ خطوات فعلية بعد".
يوجد في ناحية دينارتە 93 قرية يسكنها حوالي 50 ألف نسمة. وقد تم إخلاء نحو عشر قرى، لاسباب من بينها نقص المياه. ورغم ذلك، لا يرى فاضل مصطفى، مدير مكتب الزراعة في عقرة، أن معدلات النزوح مرتفعة، مشيرا إلى أن بعض الناس يغادرون القرى لاسباب أخرى مثل تفضيلهم للعيش في المدن أو العثور على فرص عمل جديدة.