تواصل الغارات التركية على كوردستان.. بارزاني وغولر يؤكدان أهمية 'إحياء عملية السلام'

برغراف
في ظل استمرار الغارات الجوية التركية على إقليم كردستان، بذريعة استهداف مقاتلي حزب العمال الكردستاني، شدّد رئيس الإقليم، نيجيرفان بارزاني، ووزير الدفاع التركي، يشار غولر، على أهمية إحياء عملية السلام في تركيا، واصفين إياها بأنها “حاسمة وتاريخية”.
جاء ذلك خلال اجتماع عُقد بين الجانبين على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي، حيث بحثا العلاقات بين تركيا والعراق وإقليم كردستان، والجهود المشتركة للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، وفق بيان صادر عن رئاسة إقليم كردستان.
وأكد الطرفان ضرورة استئناف عملية السلام، واعتبرا أن التعاون الإقليمي بين دول الجوار ضروري لمنع التصعيد وتجنّب المزيد من الأزمات.
ويأتي الاجتماع بالتزامن مع إعلان حزب العمال الكردستاني وقفًا أحادي الجانب لإطلاق النار، في إطار مبادرة سلام أطلقها الزعيم الكردي المسجون، عبد الله أوجلان، أواخر شباط/فبراير الماضي، بهدف معالجة القضية الكردية في تركيا. ورغم ذلك، تواصل القوات التركية عملياتها العسكرية داخل أراضي إقليم كردستان.
وبحسب منظمة “صانعي السلام المجتمعية – كردستان العراق” (CPT)، قصفت طائرات حربية تركية مناطق في جبال قنديل وكارا بمحافظة دهوك، ليلة التاسع من نيسان/أبريل الجاري، كما أطلق جنود أتراك النار على قرى في منطقة شيلادزي.
وقال كامران عثمان، من فريق CPT، إن “جنودًا أتراكًا أطلقوا النار من مواقعهم العسكرية باتجاه قرية بريا شيخ عند سفوح جبل قنديل، ما أدى إلى إصابة منزل المواطن بختيار محمد رسول، وهو متزوج وأب لطفلين، بينما كانت العائلة نائمة، واخترقت رصاصة نافذتهم”.
ولم تُسجّل خسائر بشرية، إلا أن الحادثة أثارت الخوف بين السكان المحليين.
وتواصل تركيا تنفيذ عمليات جوية وبرية في محافظة دهوك، مدّعية أنها تهدف إلى منع تحركات حزب العمال الكردستاني، رغم وقف إطلاق النار. ويؤكد الحزب، رغم التزامه بالمبادرة، احتفاظه بحق الرد على الهجمات المستمرة.
وفي إطار مساعي إحياء عملية السلام، التقى وفد من حزب “الشعوب والمساواة والديمقراطية” (حزب ديم) الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في العاشر من نيسان/أبريل الجاري داخل القصر الرئاسي، وأعرب عن نيّته زيارة عبد الله أوجلان في سجن إمرالي لنقل فحوى اللقاء.
ووصفت النائبة عن الحزب، بيرفين بولدان، اللقاء مع أردوغان بأنه “مرحلة جديدة” في عملية الحل، مشيرة إلى أنه جرى بحث عدة ملفات، منها تحسين ظروف احتجاز أوجلان، واتخاذ إجراءات تخص السجناء، خاصة المرضى ومن يستحقون العفو. وأضافت: “الرئيس أردوغان لم يُبدِ أي رد فعل سلبي”.
وأكدت بولدان أن البرلمان التركي سيلعب دورًا محوريًا في تحريك العملية، مشددة على الحاجة إلى اتخاذ خطوات قانونية قد تشمل إطلاق سراح أوجلان، كاشفة عن اعتزام الوفد لقاء وزير العدل التركي لبحث الآليات القانونية اللازمة.
وكان أوجلان قد دعا، في 27 فبراير/شباط الماضي، مقاتلي حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح وحلّ الحزب، ما دفع بقيادة الحزب إلى إعلان وقف إطلاق النار، مع التأكيد على الاستعداد للمشاركة في مؤتمر بقيادته لتقرير مصير التنظيم.
ويُذكر أن أوجلان، المسجون منذ 26 عامًا، أطلق عدة مبادرات سابقة للسلام، أبرزها وقف إطلاق النار في عام 2013، الذي استمر حتى منتصف 2015 قبل أن ينهار ويتجدّد الصراع.
وبينما تأمل العائلات الكردية في محافظة دهوك أن تُسهم هذه المبادرات في إنهاء القتال وعودة الاستقرار إلى قراهم، لم تمتد عملية السلام حتى الآن إلى داخل إقليم كردستان.
وبحسب تقارير CPT، فإن النزاع المسلّح المستمر منذ عقود بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، والذي تصاعدت حدته في دهوك خلال العام الماضي، أسفر عن نزوح سكان 1190 قرية في إقليم كردستان، ومقتل 721 مدنيًا.
ويبلغ طول الحدود العراقية التركية 362 كيلومترًا، منها 300 كيلومتر حدود برّية. وتُعدّ الطبيعة الجبلية الوعرة، لا سيما في المثلث الحدودي بين العراق وتركيا وإيران، عائقًا أمام فرض السيادة العراقية الكاملة، إذ لم تكن هناك مواقع عسكرية ثابتة تاريخيًا.
وتسيطر تركيا فعليًا على أكثر من 86% من حدودها مع العراق، حيث توغلت بعمق يتراوح بين 5 و40 كيلومترًا داخل إقليم كردستان، وأقامت 74 قاعدة وموقعًا عسكريًا.