
برغراف– عمار عزيز
عبر سنوار دانيال، مواطن مسيحي في دهوك، عن قلقه بالقول: “يشعر جميع المسيحيين بالألم والحزن. فإلى جانب الهجمات والاعتداءات، تتصاعد عقلية الرفض المتبادل، وتعلو الأصوات المناهضة لطقوسنا”.
جاءت هذه التصريحات في أعقاب هجوم مسلح استهدف احتفالات عيد أكيتو، رأس السنة الكلدانية السريانية الآشورية، في الأول من نيسان 2025. حيث أقدم شخص يحمل منجلا على مهاجمة المشاركين في وسط مدينة دهوك، ما أدى إلى إصابة شخصين، بينهما امرأة مسنّة ما تزال تتلقى العلاج في المستشفى.
وقال دانيال، وهو عضو المكتب السياسي للحركة الديمقراطية الآشورية، لـ”برغراف”: “الهجوم وقع في يوم احتفالي، في قلب دهوك، وكانت تداعياته أكثر خطورة، إذ تبعته تعليقات وتحريض ضد المسيحيين على وسائل التواصل الاجتماعي”.
ويعد هذا الهجوم الأول من نوعه منذ انطلاق احتفالات أكيتو في دهوك قبل نحو ثلاثين عامًا. وأعلن مجلس أمن إقليم كوردستان أن الجاني ينتمي لتنظيم داعش، وهو لاجئ سوري يقيم في أحد مخيمات المحافظة، وقد اعترف بتنفيذ الهجوم بأوامر من التنظيم.
وشهد مهرجان هذا العام مشاركة أكثر من 35 ألف شخص، وفقًا لإحصاءات غير رسمية حصلت عليها “برغراف”، قدم العديد منهم من مناطق مختلفة داخل العراق وخارجه.
وتعليقا على الحادثة، قالت النائبة السابقة عن المكون المسيحي، كلارا عوديشو يعقوب: “الواقعة تتطلب أكثر من مجرد اعتقال المعتدي. نوع من الخوف تسلل إلى نفوس المسيحيين، وهناك قلق من تأثيرها على التعايش واحتمال تكرارها”.
وأضافت لـ”برغراف”: “هناك من يشكك في طقوسنا ويتساءل لماذا نحتفل بها في دهوك، رغم أننا نحترم مناسبات الآخرين. يجب أن نُعلي صوت التعايش، لا الفتنة”.
ويكفل قانون إقليم كوردستان رقم 5 لسنة 2015 “حماية حقوق المكونات” حرية ممارسة المعتقدات الدينية ومنع التمييز، ويلزم السلطات بحماية حقوق الجميع دون استثناء.
وتعد المسيحية ثاني أكبر ديانة في العراق بعد الإسلام، وهي معترف بها دستوريا. ويحق للمسيحيين استخدام لغتهم وممارسة شعائرهم بحرية، والحفاظ على ثقافتهم.
وأكدت كلارا عوديشو: “نحن أمة محبة للسلام، ونسعى إلى ترسيخه. على الجميع التعاون لحماية التعايش، ويجب ألا نسمح بتقويضه”. كما دعت إلى إدراج مفاهيم التنوع واحترام الأعياد المختلفة في المناهج الدراسية.
ويعيش في إقليم كوردستان مسيحيون وتركمان وإيزيديون وشبك وكاكائيون ومندائيون وغيرهم من المكونات، ويقدّر عدد المسيحيين بأكثر من 200 ألف، بينهم حوالي 60 ألفا في دهوك وحدها.
وقال شمعون شليمون، نائب محافظ دهوك للشؤون الإدارية، لـ”برغراف”: “أي حادثة تؤثر سلبًا على التعايش تمثل مصدر قلق كبير”. ووصف الهجوم بأنه “عمل إرهابي”، مؤكدا أنه الأول من نوعه الذي يستهدف احتفالات أكيتو في دهوك.
وأضاف: “حين يهاجم شخص آخر لمجرد انتمائه الديني، فذلك يعد جريمة ذات طابع عرقي، ويدرج ضمن الإرهاب”.
وكان تنظيم داعش قد أجبر عام 2014 المسيحيين في سهل نينوى على الاختيار بين اعتناق الإسلام، أو دفع الجزية، أو مغادرة مناطقهم، ما دفع الغالبية للنزوح.
ويقول دانيال إن “الناس لديهم تساؤلات مشروعة حول خلفيات الحادث ودوافعه. فخطاب الكراهية المنتشر عبر الإنترنت ضد المسيحيين وطقوسهم أصبح مقلقًا للغاية”.
ويقدر عدد المسيحيين في العراق اليوم بأقل من 300 ألف، مقارنة بأكثر من مليون ونصف قبل عام 2003 وسقوط نظام البعث.