قوانين العمل على الورق فقط: معاناة عمال القطاع الخاص في كوردستان

01-05-2025 04:31

برغراف

منذ عامين، يعمل كيوان كامل، وهو خريج جامعي، في شركة خاصة بمدينة السليمانية، دون أن يوقّع عقد عمل رسمي. يقول إنه بعد عام من البحث المضني عن وظيفة، قبل العرض الوظيفي دون أن يسأل عن وجود عقد، مدفوعًا برغبته الجامحة في الحصول على فرصة عمل.

يقول كيوان: "لم تكن لدي أي مطالب؛ قبلت جميع الشروط التي حدّدها المدير خلال المقابلة، من ساعات العمل إلى الراتب والمسؤوليات، دون أي نقاش". وكحال كثيرين غيره، لم يتردد في التضحية بحقوقه التعاقدية مقابل فرصة عمل.

رغم أن عقد العمل يُعدّ اتفاقًا قانونيًا ملزمًا يحدد واجبات وحقوق الطرفين وفقًا لقوانين العمل، فإن بيانات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة إقليم كوردستان تشير إلى أن 10% فقط من العاملين في الإقليم يحملون عقودًا رسمية.

وتتفاقم هذه المشكلة خاصة بين خريجي الجامعات والمعاهد، والباحثين عن عمل لأول مرة، والعاملين بأجر يومي، الذين غالبًا ما يتجاهلون أهمية وجود عقد مكتوب أو حماية قانونية عند قبولهم العمل.

ويقول المحامي سوران سعيد في تصريح لـ"برغراف" إن "أصحاب العمل غالبًا ما يتجنبون صياغة عقود رسمية، وحتى عندما يفعلون، فإن كثيرًا منها لا يتوافق مع قانون العمل، ما يضع العمال في موقف قانوني هش".

يُعد عقد العمل الوسيلة القانونية الأساسية لحماية حقوق العمال في حالات النزاع. لكن، بحسب كيوان، فإن شركته لا توقّع عقودًا مكتوبة مع أي من الموظفين، بل تعتمد على اتفاقات شفهية، غالبًا ما تصب في مصلحة صاحب العمل.

وخلص تحقيق "برغراف" إلى أن أبرز سببين لغياب العقود الرسمية هما ضعف الوعي العام، والحاجة الملحة إلى إيجاد عمل في ظل ارتفاع معدلات البطالة.

من جانبه، أقر أريان أحمد، المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بخطورة الوضع، وقال: "عند حدوث نزاع بين العامل وصاحب العمل، فإن غياب عقد مكتوب يضعف كثيرًا من قدرتنا على التدخل وحماية الطرف الأضعف".

كما أشارت الوزارة إلى أن ممارسات التوظيف المبنية على المحسوبية – والتي تُفضِّل الأقارب والمعارف – تُسهِم في انتشار العمل غير الرسمي، حيث يتم غالبًا تجاوز الإجراءات القانونية في التوظيف.

إلى جانب ذلك، ساهم الانتشار الواسع للعمالة الأجنبية في الإقليم في تعزيز نفوذ أصحاب العمل. ومع وجود عدد كبير من الباحثين عن عمل، لا يشعر أصحاب الشركات بالحاجة إلى تقديم عقود رسمية. وبحسب الوزارة، فإن مطالبة الموظف بعقد عمل قد تؤدي ببساطة إلى استبعاده واستبداله بآخر.

وتنص المادة (32) من قانون العمل في إقليم كوردستان على ضرورة تضمين العقود المكتوبة: اسم صاحب العمل وعنوانه، طبيعة العمل، بيانات الموظف، مدة وتاريخ بدء العمل، الأجور والمزايا، وساعات العمل. ويُطلب من الطرفين مراجعة العقد وتوقيعه والاحتفاظ بنسخة منه.

ديانا لاوند، التي عملت عامًا كاملًا في أحد الأسواق الكبرى بمدينة السليمانية، قالت إن حماسة الخريجين تدفعهم لتجاهل حقوقهم القانونية، وأضافت: "أصحاب العمل لا ينوون أصلًا تقديم عقود، مما يتيح لهم تجاوز قوانين العمل دون مساءلة".

وتشير ديانا إلى أن كثيرًا من أصحاب العمل يتجاهلون أيضًا شروط السلامة المهنية، ولا يلتزمون بالحد الأدنى للأجور أو بعدد ساعات العمل. كما أن الفصل التعسفي شائع، ما يزيد من انتهاك حقوق الموظفين.

ورغم أن قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي في إقليم كوردستان يضمنان حق جميع العاملين في القطاع الخاص بالحصول على عقود عمل وضمان اجتماعي، فإن التطبيق العملي لا يزال ضعيفًا.

ويؤكد المحامي سوران سعيد أن امتناع أصحاب العمل عن توقيع العقود غالبًا ما يكون بدافع التهرب من الالتزامات القانونية، خصوصًا التسجيل في الضمان الاجتماعي. ويشدّد على أن العقد المكتوب هو الضمان الأساسي لحقوق العمال، بشرط أن يتضمّن أحكام قانون العمل، وإلا فلن تُحترم تلك الحقوق عند نشوء أي نزاع قانوني.