فشل المعارضة في اقليم كوردستان بتشكيل جبهة موحدة قبل الانتخابات البرلمانية العراقية

برغراف
بعد اكثر من شهرين من الجهود وثلاث جولات من المفاوضات المكثفة، فشلت احزاب المعارضة في اقليم كوردستان العراق في تشكيل تحالف انتخابي موحد استعدادا للانتخابات البرلمانية العراقية المقرر اجراؤها في 11 تشرين الثاني 2025. ويعد هذا الانهيار نكسة كبيرة، اذ يرى محللون ان ذلك قد يضعف تأثير المعارضة السياسي بشكل كبير. حتى المحاولات لتشكيل تحالفات اصغر بين بعض هذه الاحزاب انتهت بالفشل، حسبما علمت مؤسسة برغراف.
فشل المفاوضات
بدأت المناقشات لتشكيل تحالف واسع يضم قوى المعارضة، وشخصيات مستقلة، وناخبين ساخطين من هيمنة الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني في آذار 2025. وفي 10 ايار، اجتمعت ستة احزاب معارضة وعدة شخصيات مستقلة فيما كان من المفترض ان تكون الجولة الاخيرة من المفاوضات. ولكن خلال 24 ساعة فقط، انهارت المبادرة.
وبعد مشاورات مكثفة، اكدت جميع الاحزاب المشاركة فشل المفاوضات، واعلنت كل منها انها ستخوض الانتخابات بقائمة منفصلة.
الاطراف الرئيسية المشاركة شملت:
• حركة الجيل الجديد
• الاتحاد الاسلامي الكوردستاني
• الجماعة الاسلامية في كوردستان
• حركة الموقف الوطني
• جبهة الشعب
• الحركة الاسلامية الكوردستانية
• رئيس برلمان كوردستان السابق الدكتور يوسف محمد
• نواب سابقون، منهم الدكتورة بهار محمود، محمود رضا، هوشيار عبدالله، والدكتور كروان حمه صالح
وقال مصطفى عبدالله، عضو وفد الاتحاد الاسلامي الكوردستاني في مفاوضات التحالف، لبرغراف: “فشلت الجهود لتشكيل التحالف. لم نعد في محادثات مع اي حزب وسنخوض الانتخابات بشكل مستقل.” وبدوره قال فاروق علي من الجماعة الاسلامية: “مجلس قيادة الحزب سيجتمع غدا لتحديد كيفية مشاركتنا في الانتخابات.”
يأتي هذا التطور في اليوم الاخير لتسجيل القوائم والتحالفات الانتخابية لدى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، التي كانت قد مددت الموعد النهائي ثلاث مرات واكدت انه لن تكون هناك اي تمديدات اضافية.
عواقب الفشل
كشف تحقيق اجرته برغراف ان تشتت المعارضة قد يكلفها جماعيا اكثر من 150 الف صوت. فبموجب النظام الانتخابي الجديد في العراق – الذي انتقل من طريقة “الباقي الاكبر” الى معادلة سانت ليغو (باستخدام قاسم 1.7) – فان الاحزاب الصغيرة والمستقلة تواجه عائقا كبيرا.
ويتوقع محللون سياسيون ان تفقد المعارضة ما لا يقل عن مقعدين كان بامكانها الحصول عليهما لو خاضت الانتخابات بجبهة موحدة.
قال العديد من المشاركين والمطلعين – بعضهم تحدث بشكل غير رسمي – لبرغراف ان الفشل يعود بشكل رئيسي الى “انعدام الثقة” و”تسريب وثائق داخلية لوسائل الاعلام دون اذن”، واشار البعض الى احتمال وجود “تدخلات خارجية”.
قال احد المصادر: “كانت المفاوضات تسير بشكل جيد حتى تسربت مقترحات سرية الى الاعلام، مما اضر بالثقة بشكل كبير.” وقد بدأت المحادثات مطلع آذار وتوجت باجتماع موسع في ايار، حيث بدت في البداية مؤشرات على التعاون.
عقد الاجتماع الاول في 10 ايار في السليمانية بشكل سلس، لكن سرعان ما ظهرت الانقسامات في اليوم التالي. وانسحبت حركة الموقف الوطني واكدت انسحابها لاحقا علنا.
وقال علي حمه صالح، رئيس الحركة، في مؤتمر صحفي: “بعد تقييم داخلي، توصلنا الى قناعة بعدم وجود مشروع وطني واضح.” واتهم حمه صالح حركة الجيل الجديد باجراء محادثات موازية مع الائتلاف الحاكم في بغداد اثناء مشاركتها في تحالف المعارضة – ما زاد من فقدان الثقة.
واكد فاروق علي من الجماعة الاسلامية ان جميع الاطراف اتفقت مبدئيا على تشكيل “جبهة ثالثة” ضد الحزبين الحاكمين، لكن الخلافات ظهرت حول التفاصيل. “اصر البعض على ان ينتخب زعيم التحالف بالتوافق وليس بالاغلبية”، مضيفا ان “كل طرف جاء باجندته الخاصة”.
واوضح ان هناك اتفاقا اوليا على تعيين شخصية اسلامية مستقلة لقيادة التحالف – ليس كمرشح للبرلمان، بل كشخصية رمزية. الا ان الجيل الجديد طالب بان يكون زعيم التحالف من صفوفه، وهو ما رفضه الاخرون.
اجريت الجولة الثالثة والاخيرة من المحادثات في 12 ايار دون مشاركة حركة الموقف الوطني ولا الجماعة الاسلامية. ورغم غيابها، اكدت الجماعة انها لم تنسحب رسميا.
قال فاروق علي: “في تلك الجولة، رفع الجيل الجديد سقف مطالبه اكثر، واصر على قيادة التحالف وتسمية المرشحين الاوائل في المحافظات الثلاث لاقليم كوردستان.”
واضاف مسؤول كبير في الجماعة الاسلامية: “هذه المطالب اغلقت باب التفاوض نهائيا.”
وقال مشارك آخر لبرغراف: “لو لم تسرّب تلك المقترحات للاعلام، ربما كان بالامكان التفاوض مع الجيل الجديد ودفعه لتقديم تنازلات. فقد ابدى استعدادا في السابق.”
ما الذي ستخسره المعارضة؟
كان احد الاهداف الرئيسية للتحالف هو توحيد اصوات المعارضة في ظل النظام الانتخابي الجديد، الذي لا يخدم القوائم المجزأة. وقال الدكتور يوسف محمد، رئيس برلمان كوردستان السابق واحد مهندسي التحالف، لبرغراف: “بالنظر الى الانتخابات البرلمانية الاخيرة في الاقليم، قد تخسر المعارضة نحو 72 الفا و550 صوتا في اربيل، و50 الفا في السليمانية، واكثر من 20 الفا في دهوك.”
كما توقع خسارة مباشرة في المقاعد. “لو توحدت المعارضة، لكان بامكانها الحصول على مقعدين اضافيين في محافظات الاقليم، ومقعد آخر في كركوك.”
ومع انتهاء فترة التسجيل، تتجه الانظار الان الى كيفية خوض هذه الاحزاب حملاتها الانتخابية بشكل منفصل، في ظل نظام انتخابي يعزز الكتل الكبرى. ويعد هذا الانهيار فرصة ضائعة لتشكيل تحد جاد للنظام السياسي القائم في كوردستان العراق. ويشكل الفشل في التوحد ضربة كبيرة للاصلاحيين والمستقلين الكورد الذين كانوا يأملون في كسر هيمنة السلطة الحاكمة في الاقليم. فمع استمرار انعدام الثقة والتنافس على الزعامة، وصعوبة النظام الانتخابي الجديد، يبدو مستقبل المعارضة اكثر غموضا من اي وقت مضى.
المقاعد المتوقعة للمعارضة اذا خاضت الانتخابات بشكل منفصل في انتخابات البرلمان العراقي 2025:
في حال خاضت احزاب المعارضة الانتخابات البرلمانية العراقية في 11 تشرين الثاني 2025 بشكل منفصل، دون تحالف موحد، فان التوقعات بناء على نتائج انتخابات برلمان كوردستان في تشرين الاول 2024 تشير الى ما يلي:
• حركة الجيل الجديد: 8 مقاعد — 4 في السليمانية، 3 في اربيل، 1 في دهوك
• الاتحاد الاسلامي الكوردستاني: 3 مقاعد — 2 في السليمانية، 1 في دهوك
• الجماعة الاسلامية: مقعد واحد في السليمانية
• حركة الموقف الوطني: مقعد واحد في السليمانية
• جبهة الشعب: غير متوقعة للفوز باي مقعد وفقا للتقديرات الحالية
هذه الارقام ليست نتائج نهائية، بل توقعات مبنية على النظام الانتخابي العراقي الحالي، وتحديدا معادلة سانت ليغو. ومع انهيار تحالف المعارضة رسميا، يرى كثير من المراقبين ان خوض الانتخابات بشكل منفصل سيزيد من تشتت القوى المعارضة ويعزز هيمنة الحزبين الرئيسيين في الاقليم.