
برغراف
وافق مجلس النواب العراقي يوم الثلاثاء على تعيين 93 سفيرا جديدا، منهيا سنوات من الجمود السياسي التي تركت العديد من سفارات وقنصليات البلاد في الخارج دون قيادة دائمة.
وتضم القائمة التي صوّت عليها النواب 49 سفيرا شيعيا و23 سفيرا سنيا و17 سفيرا كرديا، و أربعة سفراء من المسيحيين والإيزيديين والصابئة.
وقالت ديلان غفور، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي في حديث خاص لموقع برغراف، ان هذه الموافقة خطوة مهمة لسد الفراغ في السلك الدبلوماسي العراقي، مشيرة الى ان اللجنة عملت على هذه القضية منذ بداية الدورة الحالية.
سنوات من الشلل الدبلوماسي
ظلت البعثات العراقية في الخارج تعاني لسنوات من غياب السفراء الدائمين. وكان آخر تعيين رئيسي في عام 2009 عندما تم تثبيت 63 سفيرا، بعد جولة أصغر من 49 سفيرا في عام 2004.
ومنذ ذلك الحين حالت الصراعات السياسية الداخلية دون اتفاق الحكومات المتعاقبة على مرشحين جدد، مما ترك جزءا كبيرا من السلك الدبلوماسي العراقي في حالة من التشتت.
لدى العراق 27 سفيرا عاملا فقط في الوقت الحالي، ومن المقرر أن يتقاعد 11 منهم بعد تجاوزهم السن القانوني للتقاعد، فيما عاد خمسة منهم بالفعل إلى مناصبهم داخل وزارة الخارجية، مما زاد من تفاقم النقص في السفارات في الخارج.
وتزداد هذه الفجوة وضوحا بالنظر الى حضور العراق الدبلوماسي في الخارج، إذ يمتلك 83 بعثة دبلوماسية تشمل 70 سفارة و13 قنصلية، إضافة إلى أربع سفارات جديدة افتتحت مؤخرا.
الطريق الى تعيين السفراء
يقول المشرعون إن الموافقة على 93 اسما جديدا تهدف إلى سد هذا الفراغ نهائيا، إلا أن طريق التعيين لم يكن سهلا، إذ انهارت محاولات سابقة وسط خلافات حادة حول الحصص الحزبية والتمثيل الطائفي، وفشل اقتراح عام 2021 لتعيين 70 سفيرا قبل أن يُعرض على مجلس النواب.
الحصص الحزبية وتشكل القائمة
تعكس قائمة السفراء توازن القوى بين فصائل البلاد. ووفقا لما اوردته النائب ديلانغفور في حديثها الخاص لموقع برغراف، فإن توزيع السفراء الجدد يشمل 49 شيعيا و23 عربيا سنيا و17 كرديا، تسعة منهم رشحهم الحزب الديمقراطي الكردستاني، وثمانية رشحهم الاتحاد الوطني الكردستاني.
ويشكل أكثر من نصف المرشحين دبلوماسيين محترفين من داخل وزارة الخارجية، فيما تم تعيين البقية بناءً على خبرتهم في المجالات السياسية والمدنية.
ومع ذلك، يجادل المنتقدون بأن النفوذ السياسي لا يزال يفوق الجدارة، وأكدت النائبة غفور أن الحصص تُحدد وفقًا لعدد أعضاء كل كتلة في مجلس النواب، مشيرة إلى أن هذه الصيغة كانت القاعدة في النظام السياسي العراقي منذ عام 2003.
مكسب نادر للنساء
تضمّ القائمة الجديدة خمسة نساء، إلى جانب سفيرة واحدة فقط بين السفراء القدامى، رغم أن العدد لا يزال قليلا في السلك الدبلوماسي الذي يهيمن عليه الرجال.
وانتقدت غفور هذا الخلل، مشيرة إلى أن عدد السفيرات لا يزال منخفضا وكان ينبغي أن يكون أعلى، مؤكدة أن من بين السفيرات الجديدة ثلاثة من الكورد، ولفتت إلى أن الأحزاب العربية، وخاصة الشيعة والسنة، لا توفر فرصا كافية للنساء.
وتذكرت ديلان غفور معركتها للحصول على الاعتراف، مؤكدة انها كانت اول امرأة تترأس لجنة رفيعة المستوى في مجلس النواب منذ عام 2005، رغم اعتراضات كثيرة على توليها المنصب.
توزيع تدريجي للمناصب
لن تتولى جميع الـ 93 منصبا في الخارج فوريا، إذ سيتم تعيين 20 منهن على الاقل في ادارات داخل وزارة الخارجية، حيث يشترط قانونا ان يحمل المديرون رتبة سفير.
وقالت غفور في حديثها الخاص لموقع برغراف ان بعض النساء سيصبحن سفراء في الخارج بعد اربع سنوات من الخدمة، فيما ستتلقى اخريات التدريب داخل الوزارة لتخفيف الضغط على المؤسسة الدبلوماسية.
إشادة رسمية من الحكومة
اشاد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتصويت مجلس النواب واصفا اياه بالاصلاح الذي طال انتظاره، مؤكدا ان الحكومة حرصت على انهاء حالة الشغور التي استمرت لسنوات في بعض المناصب الدبلوماسية لتعزيز قدرة المؤسسة الدبلوماسية على خدمة الشعب العراقي.
كما اكدت وزارة الخارجية ان التعيينات خطوة نحو تعزيز الحضور الدولي للعراق وتوسيع شبكة علاقاته مع دول العالم وحماية المصالح الوطنية وخدمة الجالية العراقية في الخارج.
ويقول المحللون ان تعيينات السفراء تبرز مشاكل اعمق في النظام السياسي العراقي حيث تقسم الوزارات والمناصب على اساس طائفي وحزبي، ومع ذلك يرى البعض انها قد تحقق بعض الاستقرار للدبلوماسية العراقية في الوقت الذي تسعى فيه بغداد لموازنة علاقاتها مع واشنطن وطهران وانقرة ودول الخليج العربي.
وبالنسبة للنائب ديلان غفور فان التعيينات ليست سوى خطوة اولى، مؤكدة ان القطاع الدبلوماسي العراقي ظل في فراغ لسنوات عديدة.