
برغراف
على الرغم من تزايد المخاوف بشأن التغير المناخي وتلوث البيئة، لا تزال محافظة دهوك متأخرة عن باقي مناطق إقليم كوردستان في توسيع المساحات الخضراء. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن نسبة الغطاء الأخضر في دهوك هي الأدنى مقارنة بأربيل والسليمانية، مما أثار انتقادات من نشطاء البيئة.
وأظهر مسح أجري في 2015 من قبل وزارة الزراعة في الإقليم، ووافق عليه مجلس البيئة، أن نسب المساحات الخضراء كانت 9.05% في أربيل، و9.1% في السليمانية، و12% في دهوك. وبعد عشر سنوات، أظهرت أرقام جديدة نموًا ملحوظًا في أربيل والسليمانية، لتصل النسبة إلى 19.8% و19.6% على التوالي، بينما لم تتجاوز دهوك 13%.
دعوات لحملات كبيرة لزراعة الأشجار
قال باختيار زيباري، ناشط بيئي من دهوك، لوكالة برغراف إن المدينة فشلت في تنفيذ حملات واسعة لزراعة الأشجار خلال السنوات الأخيرة. وأضاف: “منذ عام 2014 لم تُنفذ مشاريع كبرى لزيادة المساحات الخضراء في دهوك. زراعة بضع مئات أو آلاف الأشجار لن تُحدث فرقًا كبيرًا. ولتحقيق تغيير حقيقي، يجب أن تلتزم دهوك بزراعة 100 ألف شجرة على الأقل في سنة واحدة. الجهود الكبيرة فقط هي التي يمكن أن ترفع النسبة إلى مستويات ذات مغزى”.
وأشار زيباري إلى أن الحديقتين الجديدتين قيد الإنشاء قد تزيدان المساحات الخضراء إلى 14%، لكن المدينة ستحتاج إلى نحو 10 حدائق كبيرة إضافية للوصول إلى 20%. وحذر من أن توسع المشاريع السكنية السريع، وارتفاع التلوث من المولدات والمصافي غير القانونية في منطقة كواشي، وزيادة عدد السكان، كلها عوامل أدت إلى تدهور الظروف البيئية في المحافظة.
البلدية تعترف بالنقص في المساحات الخضراء
أكد شروان حسن، المتحدث باسم بلدية دهوك، أن نسبة الغطاء الأخضر تبلغ 13%، مشيرًا إلى أن الحديقتين الجديدتين قيد التطوير قد ترفع النسبة قليلًا. وقال: “النسبة منخفضة وتحتاج إلى زيادة، لكن في بعض الأحياء التي بُنيت خلال فترة حزب البعث، لا توجد مساحات كافية لإنشاء حدائق جديدة. لدينا حاليًا خمس إلى ست حدائق كبيرة وأكثر من 50 حديقة صغيرة في المدينة، وهناك خطط لزراعة الأشجار على الجبلين المحيطين بدهوك، لكن هذا لا يزال قيد النقاش”.
المعايير البيئية والمخاطر الصحية
أدى الاحتباس الحراري إلى رفع المعايير الدولية لأدنى نسبة للمساحات الخضراء في المدن من 15% إلى 25%. ويحذر الخبراء من أن عدم الالتزام بهذه المعايير يزيد من مخاطر الأمراض المرتبطة بالتلوث. وقال محمد طاهر بريفكاني، المدير السابق لدائرة البيئة في دهوك: “التلوث البيئي يعد أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالسرطان وأمراض الأطفال في إقليم كوردستان. القواعد تشترط تخصيص 10% من مساحة مشاريع محطات الوقود و30% في المشاريع الشاهقة للمساحات الخضراء، لكن التنفيذ ضعيف”. وأضاف أن المصافي النفطية غير القانونية في منطقة كواشي تمثل عقبة كبيرة، موضحًا: “على الرغم من عشرات القرارات الحكومية لإغلاقها، إلا أنها ما زالت تعمل، ملوثة الهواء ومهددة للصحة العامة”.
أربيل توسع مشروع الحزام الأخضر
في الوقت الذي تتأخر فيه دهوك، أطلقت أربيل مشاريع بيئية طموحة. أعلن محافظ أربيل، أوميد خوشناو، مؤخرًا مشروع الحزام الأخضر الذي سيشمل زراعة سبعة ملايين شجرة زيتون وفستق حول المدينة، إضافة إلى إنشاء 10 أحواض احتجاز مياه لدعم الاستدامة. وتشير التقديرات إلى أن المشروع سيقلل ما يصل إلى 210 آلاف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، ويخفض درجات الحرارة، ويكافح التصحر، ويوفر مئات الوظائف الزراعية.
إلى جانب الحزام الأخضر، تعمل أربيل على تطوير خمس حدائق عامة جديدة بمساحة إجمالية تقارب 200 فدان، مع زراعة عشرات الآلاف من الأشجار في أنحاء المدينة. وقال خوشناو: “مشاريع مثل هذه ستحمي البيئة وتحسن جودة الحياة للسكان”.
الطريق إلى الأمام
تؤكد بطء التقدم في دهوك الحاجة الملحة لسياسات بيئية أقوى واستثمارات أكبر. ويقول النشطاء إنه دون جهود كبيرة ومستدامة، ستتأخر المدينة أكثر عن المعايير الإقليمية والدولية. ومع تسارع التغير المناخي، يبرز الفارق بين دهوك والمحافظات المجاورة أهمية إعطاء الأولوية للتنمية الخضراء ليس فقط لتحسين مظهر المدن، بل لضمان صحة المواطنين والنمو الحضري المستدام.